كيف أخرج نفسي من حالة الاكتئاب

 

لم تعد الحياة كما كانت من قبل!

لقد تغيرت كثيرًا في غضون أسابيع. 

في البداية ومع انتشار الوباء كُنت تشعر بالقلق، كُنت تتابع الأخبار باستمرار. 

أما الآن، 

فالحياة قد تبدو بلا معنى!

تشعر وكأنك محتجز ولا يوجد مهرب من ما أنت فيه.

ربما أنت تقضي ساعات طويلة تفكر بشكل عميق ومتكرر بمواقف معينة أو أشخاص أو أشياء أخرى… أصبح التفكير بهم كالهوس أو الوسواس. 

قد تشعر بالاختناق لدرجة أنك لا تشعر بالتوتر فقط ، ولكن بالذعر أيضًا. 

حتى وان كان الجميع من حولك (عائلتك أو شريكك ) فإن شعور الوحدة يغرقك! 

أحيانًا تنتابك نوبات غضب مفاجئة، وأحيانًا أخرى ترى صعوبة في إظهار أي أدنى شعور. 

قد تشعر بالعجز والكسل وقلّة الحيلة … حتى أن النهوض من الفراش أصبح صراع يومي!

أيّها العزيز!

ربما أنت تعاني من الإكتئاب. 

وفي ظروف العزلة هو أمر شائع جدًا. 

يقول الدكتور Robert Leahy – وهو طبيب نفساني في أحد المراكز الطبية في نيويورك-:

 ” نحن نمر في العاصفة المثالية للاكتئاب والقلق.”

إذا لم تكن متأكدًا من ماتشعر به فربما يساعدك المقال الذي كتبته سابقًا حول الأعراض الشائعة لمرض الإكتئاب للتأكد من أعرضك هنا 

أما الآن فدعني أخبرك ببعض الأمور التي قد تساعد في تحسين شعورك العام:

١. افصل “نفسك” عن شعور الكآبة.

أن ما قد يجعل حالتك تسوء هو الفكرة بأنك الإكتئاب نفسه ، أو أنت والإكتئاب شيء واحد!

عزيزي إعلم بأن الاكتئاب هو حالة وجود ، وليست أنت.

إنها مجرد شيء تمر به.

أنت الآن في حالة مرور وستخرج منها في النهاية.

إذا بدا لك الأمر غير ممكن، جرب تمارين اليقظة (Mindfulness) هي تمارين أشبه بتمارين الإسترخاء ولكن مختلفة بعض الشيء.

ستجد العديد منها متوفر أونلاين، فقط قُم بالبحث. 

كلما تدربت أكثر على هذه التمارين ، ستتمكن من الشعور حرفياً بأن الاكتئاب هو شيء يتحرك من خلالك ، وليس أنت على الإطلاق.

٢. توقف عن التركيز وتكرار هذه الكلمات ” أنا أشعر بأني أفضل الآن” 

فكر في الأشخاص الذين يخبروك

“ابتسم فقط وكل شيء سيتغير” ، “كن ايجابيًا وستتغير أحوالك”… الخ.

كيف يجعلك ذلك تشعر؟ 

ربما محبط أكثر و حالتك أسوأ.

الأمر نفسه إذا أخبرت نفسك “سأتجاوز هذه المحنه” …. وللأسف لا شيء يحدث.

أنا لست ضد فكرة العيش بالإيجابية ولكن هذا التفكير أصبح شائعًا لدرجة أن الأعتقاد حوله هو أن هذه الطريقة في التفكير تعمل بفعالية مع الجميع! وهذا غير صحيح.

المشكلة في هذا النوع من التفكير الموسوس بالـ “الشعور بالتحسن أو الإيجابية” هو أنه يحمل طابع النقد أو إصدار حكم على الذات.

لمريض الإكتئاب قد تترجم هذه الأفكار إلى أن الشعور الذي يمر به الآن ( الكآبه) هو شعور غير مقبول و سيئ وعليه تغييره.

قد يثير النقد أو الحكم الذاتي مشاعر العار وخيبة الأمل لدى مريض الإكتئاب. 

إذا قمت بسؤال أي متخصص في علاج الإضطرابات المزاجية فسيخبرك بأن مشاعر “العار والخزي” هو سيد المشاعر السلبية. هذه المشاعر أشبه بالمرساة الثقيلة التي تدفعك الى الأسفل! 

جرب هذا: حاول أن تخبر نفسك:

“أنا مكتئب الآن ، ولا بأس”. 

كيف تشعر بها؟ 

لا يوجد شيء غريب ، أو سيئ ، أو معيب بشأن الاكتئاب ،

 إنه أحد الآثار الجانبية لحياتنا الحديثة. 

أنت حزين ومتعب. ولا بأس بذلك.

٣. توقف عن إشعال الإكتئاب أكثر.

نعم ، هذا يعني نسيان فكرة إغراق نفسك أو أحزانك في الممارسات المثبطة للمشاعر كالتدخين أو الاستماع لموسيقى حزينة أو حتى متابعة الأخبار السلبية في كل مكان. 

الفكرة هي التوقف عن أي شيء قد يثبط إحساس الكآبة لديك لفترة مؤقتة.  

بغض النظر عن فاعلية هذه السلوكيات في جعلك تشعر بالتحسن، ولكنها لاتدوم إلاّ لفترة قصيرة وفي الغالب أنت تشعر بالسوء أكثر مما كنت عليه من قبل.

ما قد يساعدنا هنا في تغيير مسار الاكتئاب هو

 أخذ نصيحة من العلاج المعرفي السلوكي وبالتحديد فكرة “التدخلات السلوكية”.

بمعنى أن نقوم بالتركيز بنسبة أقل على مشاعرنا ، وبنسبة أعلى على أفعالنا وسلوكياتنا.

كلما استطعنا اختيار سلوكيات بعيدة ومضادة للحالة النفسية التي نشعر بها، كلما كان بإمكاننا المرور بشكل أسرع في حالة الاكتئاب.

لذا الخطوة العملية هنا هي: 

كن صريحًا بشأن الأشياء التي قد تغذي (أو تشعل الوقود) لمشاعر الاكتئاب. 

  • الجنس 
  • الإفراط في الطعام (تناول الطعام فقط لتثبيط المشاعر وليس لغرض الإشباع)
  • الاستماع المتكرر للأغاني الحزينة.
  • الاتصال بأحد أفراد العائلة الذي غالبًا هو شخص مُعنف وغير حساس للآخرين. (ببساطة شخصية نرجسية)
  • وغيرها من السلوكيات… 

جرب هذا: 

اكتب قائمة بالأشياء التي تجعل الاكتئاب لديك أسوأ (الناس ، أو الأماكن ، أو بعض الأنشطة). 

الآن قم بعمل قائمة أخرى بكل الأشياء التي تُشعرك بالسلام أو بالبهجة (أنشطة الرفاهية الخاصة بك). 

يمكن أن تكون هذه القائمة أبسط مما تتخيل! 

كإعداد سلطتك المفضلة .

أو مشاهدة فيلم كوميدي.

أو الاستحمام…

الآن في كل مرة ترغب في القيام بعمل سلبي ، استبدلها بإجراء رفاهية بدلاً من ذلك. وستذهل بالنتائج!

٤. تحرك! قم ببعض التمارين.

هناك قصة كلاسيكية في علم النفس  تقول: 

إن أحد العملاء كان يعاني من الإكتئاب. 

حدث أنه في إحدى الجلسات النفسية أخبر معالجه بهذا: “سأقتل نفسي الآن”.

قال له معالجة النفسي : “رائع ، لا مشكلة لدي، ولكن قبل إقدامك على شيء خذ جولة حول المبنى”.

وبالطبع بعد الجهد الذي بذله العميل في ممارسة المشي ، لم يقدم على إنهاء أي شيء!

ربما أنت تعلم بأن الاكتئاب له جوانب فسيولوجية وكيميائية.

فلا عجب إذًا عندما يكون هناك ربط بين التمارين الرياضية والحالة المزاجية نظرًا لأن التمارين تؤثرعلى المواد الكيميائية في المخ والأحاسيس الجسدية.

تشير الأبحاث إلى أنه بالنسبة لبعض الحالات ، يمكن أن تكون التمارين فعاّلة جدًا كفعالية الأدوية في تخفيف أعراض الاكتئاب.

جرب هذا:

متعب لدرجة لا تستطيع الجري؟

إمشِ!

لا يمكنك التحرك وأنت مكتئب جدًا؟ 

قم بهز يديك وقدميك حتى تبدأ بالشعور بالطاقة تتسلل إلى جسمك.

أخرج نفسك من المنزل و إجلس بالقرب من الطبيعة، ثم سر حولها.

٥. كن على تواصل بالآخرين

عندما نشعر بالاكتئاب كلما نريده هو الاختباء تحت اللحاف إلى الأبد ، وعدم التحدث إلى أي شخص. 

أنا أتفهم ذاك، ولكن عزيزي

لا يحتاج التواصل مع الآخرين إلى إجراء محادثة طويلة مع شخص تعرفه.

إن الأمر ببساطة يتعلق بالتعرف على التشابه بينك وبين البشر الآخرين. 

وتذكير عقلك بأنك لست وحدك تمامًا ، و لست مختلف تمامًا عن الآخرين ، و ظروفك ليست غريبة عن الآخرين …

أنت تشبه إلى حد كبير الكثيرين.

جرب هذا:

قم بالسير في الشارع والتواصل البصري مع الغرباء

لاحظ الأطفال.

إجري محادثة بسيطة عن الطقس أو “الكورونا” مع المحاسب في السوبر ماركت 

أو حتى الاستماع إلى شكوى الآخرين. 

ستشعر بشكل مفاجيء بالعودة للحياة وأنك جزء من هذا العالم ، 

ولست الشخص الغريب الذي تُخبرك به أفكارك المكتئبة.

٦. إحتفظ بجدول زمني

لقد فقد الكثير من الناس روتينهم المعتاد خلال هذه الأزمة العالمية، وهذا قد يتسبب في إجترار الأفكار والمشاعر السلبية والتي بدورها تعد كعوامل خطر عالية تثير الإكتئاب. 

إن وضع جدول ومعرفة ما ستقوم به خلال اليوم قد تعطيك نوعًا من شعور الأمل والتطلع الى الأشياء، أو بناء الأهداف.

إكتب مهامك على ورقة ، وفي نهاية كل يوم تحقق من جدول مهامك. ضع ايضًا مجموعة من الأهداف للأسبوع أو للشهر.

إذا كنت ممن فقد وظيفته خلال وقت الأزمة فمن الطبيعي أن تشعر بانزعاج أكثر. 

فبالإضافة إلى القضايا المالية ، لقد فقدت الهيكل والروتين في حياتك. 

إن إحدى طرق التأقلم لما تمر به هو تنظيم وقتك.

٧. إحصل على الدعم

عندما تكون غارقًا في الاكتئاب ، فإنه شعور لا يطاق. 

وفي الغالب أن لا ترغب أن تخبر أحد عن مايحدث لك ، ولا ترغب حتى في شرح الحالة التي تمر بها لأحد.   

ولا بأس في ذلك. 

لا تتحدث إذا كان ذلك مناسبًا لك.

ولكن الدعم يكون مهمًا ولازمًا عندما تصبح أفكارك خطيرة كأن تفكر في إيذاء نفسك أو الآخرين.

إذا كنت لا تريد التحدث إلى شخص تعرفه ، أو لا تشعر أن هناك أي شخص قد يقدم لك يد العون بل على العكس ربما يزيد من خطورة وضعك ، فرجاءً إحصل على الدعم من مختص.

يوجد العديد من المراكز والعيادات التي تقدم الدعم عن طريق الهاتف أو غرف المحادثة على الإنترنت. 

هؤلاء أشخاص دُرّبو لتقديم المساعدة في هكذا أوقات ومع هكذا حالات. 

وهم يريدون التحدث معك… أليس هذا مااختارو القيام به؟

أكتب لنا ماتشعر به في التعليقات أسفل أو على البريد الإلكتروني… ربما نستطيع المساعدة. 

المصادر 

Tanskanen J, Anttila T. A Prospective Study of Social Isolation, Loneliness, and Mortality in Finland. Am J Public Health. 2016;106(11):2042–2048. doi:10.2105/AJPH.2016.303431.

Save this to read later. Send to email 7 Min Read COVID-19 Outbreak. (2020, April 13). Coronavirus Depression: How to Protect Your Mental Health. Retrieved from https://healthmatters.nyp.org/how-to-avoid-depression-during-the-coronavirus-outbreak/

اترك رد