ذكرياتك هي المسؤوله عن كونك أنت!

الذكريات هي من تجعل منا ما نحن عليه الآن! 

إنها تخلق رؤيتنا للعالم بطرق بالكاد ندركها.

نحن من قمنا ببناء أجزاء ذاكرتنا بشكل يتناسب مع وعينا.

وكيف يكون الأمر خلاف ذلك؟

كيف يمكن أن نقول مرحبا لشخص ما دون إستحضار كل الذكريات المتعلقة بالتحايا والتعارف التي مررنا بها في السابق؟

إن الطريقة التي تشعر بها أنت الآن – توقعاتك ومخاوفك – كلها مبنية على ما قمت بتجربتة من قبل.

من الشائع أن تعتقد أن الذاكرة هي ببساطة تذكر ما تناولته على الإفطار، أو ذلك المشروع الذي قمت بإعداده في المدرسة، أو كيف أحببت لأول مرة…

أنت لست مخطيء في ذلك عزيز القاريء، ولكن هذا مجرد جزء بسيط من الذاكرة، والواقع أكثر من ذلك بكثير!

 إذا كان كل شيء يعتمد على ذكريات الماضيه، كيف يمكننا تجربة  شيء جديد؟

 

أنواع الذاكرة

فكر في كيفية ركوب الدراجة!

 حتى وإن كانت آخر مرة قمت فيها بركوب الدراجة قبل ١٠ سنوات، أنت ستقوم بقيادتها بشكل طبيعي لأن جسمك فقط يتذكر. 

هذه تسمى في علم النفس الذاكرة الإجرائية وهي ببساطة الطريقة المعقدة التي يتذكر بها جسمك وعقلك كيفية القيام بالأشياء وفي الغالب أنت تستحضرها بطريقة لا واعية. 

وهذا مختلف تمامًا عن النوع الآخر المعروف بالذاكرة التصريحية، والتي هي التذكر الواعي للأشياء، مثلاً ما قد تناولته على الغذاء. (ولسنا بصدد الحديث عن هذا النوع من الذاكرة في هذا المقال)

إن حقيقة الذاكرة الإجرائية هي أكثر من مجرد القدرة الإدراكية والحركية على موازنة الدراجة. 

على سبيل المثال ، قد تشمل الشعور بالفرحة عند ركوبك للدراجة…

. ثم يكون جزء من هذه الفرحة مرتبط بشعورك بالإنجاز الذي إكتسبته عند تعلمك لقيادة السيارة….

والشعور بحرية التجوال عند توقفك أمام أصدقائك…. 

ومشاعر الدفء والإحتواء من والديك عند سقوطك من الدراجة…. 

وماذا لو كنت لاترغب في ركوب الدراجات؟

 قد يكون لهذا علاقة بتجاربك السابقة…. 

سخرية الأقران مثلاً من وقوعك المتكرر…. 

ربما يكون لهذا الإحساس بالإحراج صدى للمشاعر التي لا تزال 

تتصارع معها حتى الآن…. 

نوعان من الخبرة المكتسبة

تمامًا كما يوجد نوعان من الذاكرة، هناك أيضًا طريقتان لنشهد بها المواقف في حياتنا. 

أولاً و قبل كل شيء، هناك تجربتنا الواعية المنطقية والواضحة، والتي يطلق عليها علماء النفس بالمحتوى

ثانيًا، هناك التجربة الحسية التي تشعر بها عند وقوع الحدث وهي ماتعرف بالالمعالجة، والكثير من هذا المستوى يكون غير واعي!

المحتوى هو ما نقوله لبعضنا البعض…

 أقول لك: “ما رأيك بالخروج الليلة” وتقول لي: ” فكرة جيدة، دعنا نذهب الى المقهى الجديد”.

 أما المعالجة فهي المشاعر التي تتجسد في إجتماعنا. 

مثلاً بطريقة غير واعية وبينما نحن نتحدث ترتبط لدي مشاعر إيجابية لإكتشافي أمور جديدة عنك لم أكن ألتفت لها من قبل.

 إن عملية المعالجة تتأثر بنبرة الصوت ولغة الجسد وفي الغالب تحدث بشكل غير لفظي.   

ولكن هناك جانب مظلم من عملية المعالجة!… 

على سبيل المثال إذا كنت مع شخص يعاملك بشكل سيء، فلماذا لا يمكنك مغادرته؟ 

المحتوى ربما يخبرك بصعوبة الموقف من خلال حسابات عقلانيه. 

ولكن المعالجة تدور حول المشاعر. 

ربما أنت تشعر بشكل لاواعي بأنك تستحق هذه المعاملة، أحيانًا يعجبك أنت تكون في موقف الضحية… أو ربما تعتقد بأنك لن تقابل شخص يعاملك بشكل أفضل منه… وهكذا. 

قد لا تكون المعالجة منطقية ولكنها غالبًا أقوى من المحتوى من حيث التأثير النفسي لأنها ترتبط بالعواطف!

إذًا كيف أستخدم ذكريات الماضي بطريقة تضيء لي الحاضر؟

إن كل ماتعلمناه في السابق من كيفية اللعب مع الآخرين، والقراءة، و حل النزاعات…يجعلنا مانحن عليه الآن.. وجهات نظرنا وتجاربنا التعليمية كلها تدمج و تخزن في الذاكرة في مكان واحد. 

نحن مثل الأسماك التي لا تلاحظ المياه المحيطة بها… نحن أيضا غارقين في ذكرياتنا… لا نلاحظ بأن مشاعر الحب التي نختبرها اليوم تثير مشاعر الحب التي عشناه في السابق… بغض النظر عن عمرك الآن… سوف تعيدك المشاعر الحالية الى مراحل المراهقة والطفولة…. أن اللاواعي هو الخالد!

فقط إنتبه لذكرياتك لانها تجلب المعاني القديمة وتتداخل مع تفسيراتنا لأحداث. 

إنتبه للرسائل التي يرسلها لك عقلك وجسمك من الماضي.

كلما قمت بفهم الأمور الكامنة وراء شخصيتك، كلما زادت قدرتك على تكوينها بالنمط الذي ترغب فيه و السيطرة على إستجاباتك بشكل واعي!

هل أثار لديك المحتوى بعض التساؤلات…. أكتبها لنا في التعليقات. دعنا نتشارك الأفكار.

اترك رد