الحدود الفاصلة بين أحلام اليقظة وإضطراب تعدد الشخصيات

“أشعر بأني أضيع في أحلام اليقظة … 

هذه الأحلام التي تميل إلى أن تكون قصصًا … 

أشعر فيها بمشاعر حقيقية، عادةً ما تعبر عن سعادة أو حزن، والتي لديها القدرة على جعلي أضحك أو أبكي … 

أنها جزء مهم من حياتي مثل أي شيء آخر؛ يمكنني قضاء ساعات وحيدا مع أحلام اليقظة …  

أنا حريص على التحكم في سلوكياتي في الأماكن العامة لذلك لايستطيع الآخرون القول بأن عقلي يدور باستمرار في عوالم مختلف…”

 

أحلام اليقظة هي واحدة من متع الحياة!

 إنها قدرة عقلية على التحرر من حدث فوري نحو الأفكار والمشاعر الداخلية.

الكثير منا يجد أنه من المريح تخيل المستقبل المرغوب. 

أو الهروب الى عوالم صنعناها في رؤوسنا حيث كل شيء هنالك ممكن.

إن الأفكار والصور الإيجابية قد توفر مشاعر من الإسترخاء، 

وشعور بالأمان… حتى وإن كان زائفًا!

قد تمتد هذه التخيلات لأن تجعلك تستمتع بالنجاح المستقبلي من دون بذل أي جهد فعلي تجاهه!

إذا كنت تستطيع أن تتخيل عالماً حققت فيه أهدافك ، فلماذا تكون مهتمًا بمتابعتها في العالم الحقيقي؟ 

وهنا تكمن المشكلة!

التخيلات الإيجابية مغرية!

يمكن للمرء أن يصبح في حالة إدمان على الخيال.

قد يرى البعض صعوبة في التعامل مع العالم الحقيقي؛ فتصبح أحلام اليقظة كشكل من أشكال الهروب؛ الهرب من الذكريات والألم العاطفي، أو ربما تبدو هذه الأحلام كنسخة مثالية للحياة التي يتمنى الفرد العيش فيها.

أحلام اليقظة المتطرفة أو “Maladaptive daydreaming” 

لم يتم تصنيفه كإضطراب رسمي بعد في علم النفس. 

لكن منطقيًا: 

  • إن أي شيء يتداخل أو يعيق الأنشطة الإجتماعية و مهام الحياة اليومية…
  •  وصاحبه غير قادر على السيطرة على عليه!
  •  و قد يشعر بالضيق لمفارقته. 

يمكنه ان يصنف تحت مظلة الإدمان… أو قد يصنفه آخرون على أنه أنفصال عن الذات…. ببساطة هو “مشكلة”!

وفي الغالب الذين يعانون من مشكلة في السيطرة على أحلام اليقظة أو إحساس الانفصال عن الذات هم الأشخاص الذين تعرضو لحدث مؤلم في الماضي! 

وربما لم يقومو بمعالجته (هذا الشعور) سواء لدى شخص مختص أو حتى عن طريق الإستشفاء الذاتي. 

شعور الألم يبقى حبيس لديهم حتى وإن كانوا غير واعيين لسبب هذا الشعور.  

إن أغلب الحالات التي صادفتها في ممارستي العيادية كانوا أشخاص تعرضوا لإيذاء جسدي أو نفسي في فترة ما في الماضي.

أذكر أحد عملائي وهو يصف الإنفصال 

وكأنه….الشعور بأن روحه تخرج من جسده بحيث يرى جسده بالأسفل ويرى من كان حوله في الأسفل، ينظر إليهم من مسافة بعيدة بحيث لا يستطيع الرجوع لحالته الطبيعية بسهولة.  (ولا يحدث هذا الشعور لديه الاّ إذا تعرض لأي مثير يتسبب له في إسترجاع الماضي كمصادفة أشخاص لهم علاقة بالأذى الذي شعر به في السابق).

ملاحظة: قد يكون الإنفصال والتفكك عن الذات بشكل واعي أو بشكل لاواعي. 

ولكن…ليس كل شعور بالإنفصال هو شعور مرضي! 

هل كان لديك يوم عمل شاق، وكنت منهكًا وأنت تقود سيارتك متجهًا الى المنزل تدندن بأنغام موسيقية…. ، وإذا بك أمام منزلك، وكأنك لم تشعر بمسافة الطريق…. أذا كنت تبتسم الآن… فأنت قد إختبرت الإنفصال في حياتك! 

لا تشعر بالقلق! هذا هو الحد الأدنى من الإنفصال وهو أمر طبيعي، وفي الحقيقة هو آلية دفاعية مفيدة حيث يقوم عقلك بإعطائك فسحة للاسترخاء بعد يوم عمل منهك. 

أما الحد الأعلى لهذا الشعور هو أقرب إلى أن يكون إضطراب تعدد الشخصيات! 

بحيث يمكن أن يقضي الشخص ساعات طويلة-قد تمتد لأيام- في عوالم وحياة مختلفة تماما. 

وكأنه في عالم الشخصية البديلة أو المثالية التي يتمنى أن يكون عليها.

 وهنا لايكتفي الشخص بحبس هذه الأفكار في إطار “أحلام اليقظه” بل هو يخرج بها الى عالمه الواقعي، ويبدأ بالتصرف تحت مظلة الشخصية الجديده التي رسمها لنفسه. (وقد تكون أكثر من شخصية)!  

إذا كنت تظن بأن لديك مشكلة في السيطرة على هذه القدرة العقلية “أحلام اليقظة” فلابد أن ترجع الى الوراء، وتعالج الحدث الأول المؤلم في حياتك! 

وأنا هنا حقًا أعني الحدث الأول الصادم في حياة الشخص؛ لأن الدراسات كشفت بأن أغلب الأفراد الذين يعانون من إضطراب تعدد الشخصيات بدأت لديهم بوادر الإضطراب من عمر صغير( ٨- ١٢ سنة)!

هل أثار المحتوى لديك بعض التساؤلات؟…. اكتبها لنا في التعليقات أو أرسلها عبر البريد الالكتروني.

اترك رد