الحياة بعد الفقد#١

إن ألم الفقد أمر لا مفر منه! الملايين حول العالم يؤذون أنفسهم كمحاولات للهروب منه. 

لكن الشيء الذي يجهلونه هو أن للفقد جانب مشرق أيضًا!

فكر في أكثر اللحظات المؤلمة نفسياً التي واجهتها على الإطلاق. 

خذ ثواني للتفكير!

خسارة عرض وظيفي… 

التعرض لموقف ظالم …

 أو ربما فقدان شخص عزيز…

…………..

…… 

وبينما أنت تقوم بالتفكير….

هل أدركت أن كل ماتطلبه الأمر لتذكر هذه القصص المؤلمة هو مجرد قراءة بعض الكلمات من شخص ربما لم تقابلة في حياتك!

هذا هو مدى قربك من الألم الذي شعرت به للتو!

…وسيظل كذلك دائمًا.

الخسارة مؤلمة… هذه هي المشكلة!

نحن فقط جيدون في تعلم كيفية تجنب الألم المرتبط بالماضي 

لكن بعض أشكال الألم النفسي -إذا لم يكن العديد من أشكالها- لا يمكن إزالته أو التقليل من أثره عن طريق تغيير إتجاه التفكير، و لا يمكن معالجته بالتخبط أو الركض أو الاختباء.

 هذه الذكريات حاضرة معنا في الغالب! 

خذ فقدان شخص تحبه مثلًا … 

إن الإحساس بفقدان شخص ما أو شيء ما، دون أي أمل في إستعادته ، يتطلب جهد أكبر من مجرد تجنب التفكير بالموضوع؛ لأن الخساره هنا أكثر وضوحًا ولا يمكن إنكارها. تتبعك من غرفة إلى أخرى، من لحظة إلى أخرى…

قد نحاول قمع الإحساس بالحزن، وعدم التفكير في الموت، أو صرف إنتباهنا عن طريق القيام بمهام أخرى؛ على أمل النسيان….

قد ندعي أن الخسارة لم تحدث أو ننكر تداعياتها!

لا يختفي الألم عند تثبيطه أو تجنبه. إنه دائمًا موجود في السطح!

إن الجهد المبذول للقمع والهروب هو أمر مرهق وأثره لا يدوم على المدى الطويل.

 بل على العكس، في كل مرة أنت تبدل جهدًا مضاعفًا لكبت الحزن. 

أن ألم الخسارة هو شعور مهم في الحياة.

ليس فقط من أجل تقوية ذواتنا لمواجهة تحديات الحياة القادمة بل ايضًا كونه رسالة ملهمة حول إعطاء القيمة الحقيقية لما حولنا ولإعادة تقييم أولوياتنا في الحياة. 

أن التعمق في النظر داخل الألم لهو نعمة وطريق للبهجة… هو حجر الأساس لحياة ذات معنى!

سوء التعامل مع الألم والثقافة المعاصرة

العالم اليوم لم يفسح لنا المجال للتعرف على ما بداخلنا جيدًا!

من ناحية أنت تنظر الى الإعلانات المنتشرة هنا وهناك والتي تشير الى أننا نستطيع -أو بالأحرى يجب- أن نكون قادرين على التعامل مع مشاعرنا من خلال وجبة عشاء مناسبة، أو لعبة إلكترونية، أو مكان مثالي لقضاء العطلات، أو أحدث سيارة .. و..و..و. 

المنتج الحقيقي هنا هو الوعد بالقدرة على تمكينك من تجنب التعامل مع المشاعر الصعبة!

على الرغم من أن الأبحاث تشير إلى أن الإغراق بالسلع المادية كوسيلة لتجنب الإنزعاج وتهدئة النفس من أي شيء موجود يؤدي إلى تفاقم القلق، والاكتئاب، والتقييم الذاتي السلبي، وتقليل الرضا عن الحياة.

من ناحية أخرى، نرى بأن المختصين النفسانيين لم يتركوا لنا الّا مجالاً قليلاً أو معدومًا للإعتراف بتجربة الخسارة والتعامل معها- أو أي تجربة صعبة أخرى في الحياة. 

خذ على سبيل المثال أحدث إصدار من الكتاب المقدس للطب النفسي-أو الإصدار الخامس من دليل التشخيص والإحصاء، DSM-5- يعطيك مدة أقصاها أسبوعين عند فقدان شخص عزيز لتعبّر فيها عن خسارتك، وأن أي شي بعد هذه المدة يمنح المعالج الرخصة للتشخيص، وعلى الأرجح وصفة دواء! 

إسبوعين! 

لربما يكون قد مضى على إرتباطك بالشخص أكثر من 40 عامًا، لكن 14 يومًا من الحزن على فقيدك هو وقت كافي بالنسبة لكتاب التشخيص!

بدلاً من الإعتراف بالخسارة باعتبارها جزءًا من تحديات الحياة الحتمية ذات المعنى العميق، فإننا نعاملها على أنها مرض!

نرى الألم مشكلة يجب حلها.

 بدلاً من التعامل معها وتعلم كيفية التعايش معها كجزء من مسار حياتنا. 

وهذا بحد ذاته يعطي الألم قوة غير صحّية للسيطرة على حياتنا.

الحب والخسارة يأتيان كحزمة واحدة! 

أنت غير قادر على الوصول الى النضج النفسي إذا كنت غير منفتح على فكرة الفقد يومًا ما! 

أنت لا ترغب في أن تتأذى، أنت غير قادر على الحب!

تابع قراءة الجزء الثاني من هذا المقال هنا

رأي واحد حول “الحياة بعد الفقد#١”

اترك رد