الحياة بعد الفقد# ٢

الكثيرون يخشون الانفتاح نحو آلامهم خوفًا من فكرة الغرق في طوفان الحزن والكآبه،  

كما لو كان الألم أكبر منهم!

“إذا منعت عقلي عن التفكير في مامضى فلن تهددني هذه الذكريات لاحقًا” 

ولكن في واقع الأمر هذه المقولة هي مجرد وهم! 

الألم موجود بالفعل.

يمكن للناس أن يتوجهوا نحو ألم لا مفر منه، وتعلم الدروس التي يحتوي عليها، ثم إستخدام هذه الدروس لخلق حياة غنية وذات معنى. 

الحزن لايعني شيئًا ما مكسورًا بداخلك ويحتاج إلى إصلاح!

الحزن يعني بأن شيئًا مهمًا منك قد فُقد، وأن عليك أن تأخذ الوقت الكافي للنظر وتحديد ماهيته. 

يمكننا أن نتعلم أن نكون حاضرين مع ألمنا دون تغييره بأي شكل من الأشكال. 

يمكننا أن نتعلم كيف نعترف بخسارتنا و نتقبل أثرها العاطفي دون دفعها بعيدًا. 

أن نتعلم كيف نعيش حياة مرتبطة بأعمق قيمنا وتطلعاتنا.

حينها تصبح الخسارة حافزًا للنمو! 

كيف أتعامل مع ألم الفقد؟

لا يوجد جواب محدد هنا؛ كل تجربة هي فريدة من نوعها، و ليست هناك طريقة “مثالية” للتعبير عن الحزن- 

على الرغم من وجود عدّة طرق غير صحيّة للتعامل مع الحزن كالإفراط في الأكل أو النوم مثلاً كوسيلة للهروب.

لكن كقاعدة عامة الشفاء يستغرق بعض الوقت، ولايمكن أن يحدث بشكل قسري.

إليك عزيزي القاريء بعض الخطوات التي يمكنك إتخاذها للمضي قدمًا.

لن يكون الأمر مريحًا أو سهلاً دائمًا، ولكن سيساعدك على إستعادة حياتك!

الإعتراف بالخسارة

قبل أن يحدث أي شفاء، يجب أن يكون هناك إعتراف بوجود جرح يحتاج للشفاء.

الإقرار بأنك فقدت شخصًا ما أو شيء ما. 

وهذا مؤلم بالطبع! أنت تعاني من إحساس غير مريح، وأحيانًا لا يطاق.

لمعرفة الخسارة، عليك أن تعرف ما كان قبلها. 

لذلك إبدأ بتذكر بعض التجارب الإيجابية التي لا يمكن أن تُعاد. 

إحتواء مشاعر الخسارة

الألم شعور غير مريح!

 وفي كثير من الأحيان، نحاول تجنب هذا الشعور، وصرف إنتباهنا عنه إما بالإفراط في  

الطعام،والتلفزيون ،والمهدئات ، والعمل..و..و..و…قائمة لا حصر لها من سلوكيات الهرب.

 لكن هذا مجرد تخدير للمشاعر، وتخدير لوجودنا بأكمله! 

نحن نركّز كل إهتمامنا وطاقتنا على السيطرة على الألم. 

لكن عاجلاً أم آجلاً ، سوف يظهر الألم مرة أخرى، وعلينا حينها أن نبذل جهد أكبر لتخديره. 

بدلاً من ذلك، دعنا نجرب شيئًا مختلفًا تمامًا:

دعنا نحتضن مشاعر الخسارة. 

قد تشعر بالألم أو الحزن أو الصدمة أو الغضب أو الذنب أو القلق أو المرارة أو اليأس أو الاكتئاب أو كل ما سبق.

 إفتح ذراعيك لهذه المشاعر. 

يمكنك إعداد قائمة بهذه المشاعر ومعرفة ما إذا كنت قادراً على احتوائها مع مرور الوقت.

وسّع نطاق رؤيتك

عندما تحتوي المشاعر و تفتح نفسك لها، إبحث عن الأشياء الأخرى التي قد تكون هناك (موجودة

 في نفسك) في صورة عاطفة أو فكرة أو ذكرى …. 

ركّز على الأشياء الغير متوقعة أيضًا…

الأشياء أو ردود الفعل التي تبدو بأنها  “لا تنتمي” لما أنت فيه لأنها تبدو إيجابية أو محمّلة بالثقة كمشاعر الحرية والراحة والضحك والفخر… 

تلك أيضًا مشاعر طبيعية قد تظهر مع الحزن.

كُن على إستعداد لأن تكون مغمور بالمشاعر

قد تكون مشاعرنا في بعض الأحيان أشبه بالأمواج المتصاعدة. 

ترتفع بك إلى أعلى ، وتنهار ، وتهبط عليك فجأه….. وربما تدفع بك بعيدًا جدًا.

أو ربما يكون هناك تصادم في الأحاسيس. 

في بعض الأحيان  تشعر وكأنك تحت تأثير مخدر مثلاً، وفي أحيان أخرى تشعر بأن الجميع يغضبك.

 دعني أخبرك بأن هذا طبيعي! 

خاصة في المراحل المبكرة من الحزن. 

قد تؤثر فيك مشاعرك ذهابًا وإيابًا ، لكنها لن تؤذيك.

سيكون من الجيد إذا أنت قمت بقياس 

وملاحظة ماتمر به من الأيام والأسابيع.

سجل في ورقة قبل أن تنام ما أحسست به في يومك مع كتابة اليوم والتاريخ…. 

أعدك بأن ذلك لن يكون عملاً شاقًا.

إحترس من الأفكار الغير مفيدة

“لابد وأن أكون الآن في أسوأ حالاتي.”

” لن تعود الأمور كما كانت عليه أبدا.”

 “الحياة غير عادلة.”

“لو كنت قد فعلت شيئا مختلفا… كل ذلك خطأي.”

” أنا لن أحصل على هذ.ا” 

 هذه الأفكار هي جزء طبيعي من العمليات العقلية التي تصاحب مشاعر الألم والحزن، ولكن من 

المهم أن نشعر بها مع ترك مسافة صحية بيننا وبينها.

في أغلب الأحيان ، لن تظهر هذه الأفكار كـ “أفكار” ولكن ستشعر بها كحقائق واقعية في الحياة

 والتي يجب أن تذعن لها. 

لكن بدلًا من معاملتها كحقائق، درّب نفسك على النظر إليها كردود فعل يجب ملاحظتها، وليس

كأوامر يجب اتباعها. 

إذا لاحظت وجود هذه الأفكار، حاول ترديدها ببطء أو حوّلها لكلمات أغنية….

هل تظن بأنك تستخف بنفسك عندما تفعل ذلك؟ 

في ظاهر الأمر، هذا مايبدو عليه ولكنك في الواقع تعترف لنفسك بوجود هذه الأفكار بدون 

السماح لها بالسيطرة على أفعالك.

تواصل مع المهم

بغض النظر عما يخبرك به عقلك لايزال هناك معنى للحياة التي تعيشها. 

لا يزال هناك أشخاص وأنشطة مهمة بالنسبة لك…

الحياة لا تزال مستمرة! 

في الواقع إن ألمك الذي تشعر به ماهو الاّ دليل على أنك لا تزال على قيد الحياة!

 إدراكك لمشاعر الآلم والحزن يحدد لك ما هو قريب لقلبك وماهو مهم بالنسبة لك. 

إستخدم هذه الإدراكات لصالحك… حدد ما هي أولوياتك في هذه الحياة لتصبح الشخص الذي

 لطالما أردت أن تكون. 

من الغريب قول ذلك، ولكن يمكن أن تكون خسارتك فرصة للقيام بشيء ذو معنى للحياة التي

تستحق العيش. 

حدد الخطوات العملية الملموسة التي يمكنك إتخاذها لوضعها موضع التنفيذ.

إتخاذ إجراءات عملية

بعد تحديد ماهو قريب من قلبك فعليًا، أمضي اليه. 

دع سلوكك يقوم بتعزيز أهدافك وقيمك.

 قد يعني ذلك تواصلك مع أشخاص آخرين، أو قد يعني العودة إلى العمل، أو ربما التطوع في 

مؤسسة خيرية… أو… أو…

وبينما أنت تقوم بذلك تأكد من معاملة نفسك بلطف وعناية.

إذا أعجبك المحتوى اترك لنا تعليقًا…أحب أن أسمع منك!

اترك رد