أنا شخص قلق، ولكن ربما هذا ليس بالأمر السيئ

“أنا أقلق كثيرًا!

حول الأشياء الصغيرة …مثلاً..

 هل إذا كان لدينا ما يكفي من الحليب لتناول الإفطار في الصباح؟!… 

وحول الأشياء الكبيرة…

مثلاً 

ما إذا كنت سأخسر عملي… وهل سأكون مديونًا لأحد؟!

أقضي الليالي في التفكير حول الأشياء الأكبر أيضًا… 

كنت أتساءل ما إذا كان أطفالي سيعيشون في ظروف حرب، 

أو ماذا سيحدث لنا بعد عدة سنوات وكيف سنعيش في كوكبنا مع التغيرات المناخية!

وعادة ما أفكر في القلق نفسه.

وكيف انه أحد أسوأ عاداتي… (نعم أنا قلقه من قلقي ) 

وكيف يمكنني التخلص منه في حياتي”

هل يبدو هذا مألوفًا لديك؟

قد يبدو هذا السيناريو مألوفًا لدى البعض، وربما محبطًا بعض الشيء. 

ولكن، هناك دراسة حديثة تشير الى  أن كون المرء قلق في حياته ليس بالضرورة أمر غير جيد.

في كثير من الأحيان، قد يكون قلقك مصدرًا لحمايتك. 

في مقال نُشر مؤخرًا في علم النفس الاجتماعي والشخصي، يقترح Kate Sweeney and Michael D. Dooley بأن القلق قد يساعدنا على التكيف مع جوانب الحياة الصعبة، وقد يقدم لنا الحماية أيضًا!

 “إن آثار القلق إرتبطت بشكل ايجابي ببوادر الشفاء لدى بعض المرضى الذين يعانون من اضطراب مابعد الصدمة، والتعافي أيضًا من مشاعر الإكتئاب المصاحبه له، و ووجد أن لديهم استيعاب أكبر للسلوكيات المعززة للصحة.”

و كتوضيح لنتائج البحث يقول الباحثان بأن القلق غالبًا ما يكون بمثابة وسيلة دفاعية داخلية لدى الكثيرين- بمعنى أن القلق المتعلق بالأشياء المتوقعة يدفع الناس لاتخاذ خطوات إيجابية في حياتهم للبقاء بصحة جيدة، واتخاذ قرارات في الغالب إيجابية. 

إن نتائج هذا البحث منطقًيه لدى الكثيرين!

 هل تتذكر الأوقات التي أحسست فيها بتغيير طفيف في صحتك او صحة أبنائك، وقمت باتخاذ الإجراءات الإستباقية للحماية من الإصابة بمرض معين مثلاً؟

هذا مانتحدث عنه هنا.   

إن القلق الذي يجعلنا دائمًا في خطوة سابقة من التعرض لشيء غير سار هو أمر جيد بالفعل.

ماذا عن القلق المرضي؟

في بعض الأحيان يمكن أن تؤدي الرغبة الدؤوبة في “تجنب” الكوارث المحتملة الى توليد قلق غير مناسب، والتي يمكن أن تأخذ شكل الذعر والقلق العصابي.

إن “القلق المرضي” له آثار مباشرة على:

  • التغيرات المزاجية كالإكتئاب،
  • وأيضًا آثارً على الصحة البدنية،
  • وحتى الصحة العقلية والتي يجب أخذها على محمل الجد ومناقشتها مع مختص في المجال. 

إذًا، ما هو الميزان هنا؟

الحل هنا يكمن في ممارسة القلق بوعي!

هل هذا يعني حقًا أن بإمكاني أن أقلق؟  

سأقول لك نعم بإمكانك، ولكن مع ملاحظة المدى الذي تأخذه الممارسات المتعلقة بالقلق- بمعنى أن يكون القلق في المستوى الذي يمكنك السيطرة عليه ذهنيًا ونفسيًا.

لأن القلق هنا سيكون مثابة حماية عملية و عاطفية تجاه المخاوف.

على سبيل المثال، إذا كنت قلقًا بشأن خسارة عملك، فربما ستكون أكثر انتاجية في العمل مما يؤدي الى إزدياد رغبة الإدارة على الحفاظ عليك. 

ولكن تذكر بأن الحياة مليئة بالمتغيرات التي لا يمكن معالجتها بالقلق المفرط كفقدان شخص عزيز مثلاً؛ هذا أمر خارج سيطرة الإنسان ولابد للإنسان هنا من تقبل الواقع! 

إذا كانت مشكلة القلق لديك متعلقة  بهذا النوع من المخاوف. 

بحيث تشعر بأنك خارج السيطرة عند التفكير بها 

فلابد من أن تلجأ الى العلاج النفسي هنا. 

في العلاج النفسي سوف تتعلم كيفية التعامل مع هذه السيناريوهات سواءً كونها مجرد أفكار مقلقة في ذهنك، أو أنها حدثت بالفعل.

إذا كنت قد تعرضت لموقف الفقد من قبل، ولازالت غير قادر على تخطي الأمر، أو إعادة التجربة مرة آخرى فانصحك بقراءة المقال الذي كتبته حول ألم الفقد.   

ختامًا

أن نتائج هذه الدراسة صحيحة مادمت تمارس القلق بوعي.

لذا بإمكانك أخذ هذه الجرعة الصحية من القلق والتي تبقيك يقظًا ومنتجًا عند الحاجة. 

ولكن تذكر أن تحصل على المساعدة من مكانها الصحيح متى ما أحسست أن القلق أصبح يأخذ مساحة أكبر مما تستطيع السيطرة عليه في ذهنك أو حياتك الإجتماعية/العاطفية. 

هل أثار لديك المحتوى بعض التساؤلات…. شاركها معنا في التعليقات!

اترك رد