لقد شعرنا جميعًا – في مرحلة ما من حياتنا – كما لو أننا لا نملك السيطرة الكافية على عقولنا.
في الغالب نعتقد بأننا قادرين على التحكم في رغباتنا وأفكارنا.
ولكن الحقيقة هي…
أن رغباتنا هي التي تتحكم بنا معظم الوقت!
بالطبع أنت تعلم بأن الرغبات ليست كلها سيئة.
هناك العديد من الرغبات التي تدفعنا لفعل الخير لأنفسنا وللآخرين ، أو تلك التي تجلب شعور المتعة.
ولكننا هنا سنتحدث عن تلك الرغبات التي تخلق عدم التوازن في حياتنا.
تلك التي تبدأ كهروب وتعطينا إشباعًا مؤقتًا ، ولكنها سرعان ما تتحول إلى فخ لا مفر منه.
نوع الرغبة الذي يصبح إدمانًا لعقولنا وأجسادنا ، والتي -للأسف- قد تقضي على الأشياء التي نعتز بها!
كيف تلعب الرغبة مثل هذا الدور القوي لدرجة أن نشعر بأننا عاجزين أمامها؟
لماذا نرغب في تعاطي المخدرات؟
إنفاق أموال في أشياء لسنا بحاجة لها؟
السيطرة على الآخرين؟
الرغبة في السلطة أو الجنس…
لفهم كيفية التغلب على رغبة قوية من أي نوع ، علينا أولاً أن نفهم كيف تعمل.
كيف تعمل الرغبة؟
تبدأ الرغبة بصورة!
المسوّقون هم أكثر الناس معرفة بهذا الأمر. إن إعلان بيع سيارة جديدة تقودها إمرأة جذابة هو مثال جيد لحديثنا.
هل تساءلت يومًا لماذا لا توضع صورة لعالم أو مخترع بجانب السيارة المعروضة للبيع؟! ألن يكون ذلك منطقيًا من ناحية كون صورة العالم تعني الخبرة أو المعرفة؟!
إن السبب واضح هنا.
يهدف المسوّقون إلى زرع بذور الرغبة في المنتج المعروض.
إنهم يربطونها بالرغبة التي يراهنون على وجودها لدى المشتري.
وهل يوجد أفضل من الرغبة الجنسية التي هي ولابد وإنها موجودة لدى الجميع!
من خلال وضع هذه الرغبة الى جانب الرغبات الأخرى هم يقومون بإرباك عقلك في التفكير في أنك تريد أن تحصل على تلك السيارة “المثيرة” التي تظهر في الإعلان.
هذه الطريقة ليست حصر فقط على المسوّقون بل نحن أيضًا نقوم باستخدام تأثير قوة الصور في حياتنا!
أحيانًا نحن نبحث عن صورة لإثارة رغبة معينة في أنفسنا.
نبحث عن هذه الصورة -غالبًا- في مخزن الذاكرة.
بمجرد إستعادتنا للصورة تبدأ الأفكار التي كانت لدينا عند حدوث التجربة الأخيرة في الظهور أيضًا، وهذه الأفكار بدورها تخلق استجابة جسدية في أجسامنا.
لكن كيف تستجيب أجسادنا لمجرد أفكار وصور عقلية؟
لماذا عندما نفكر في متعة معينة تخضع أجسامنا لتغييرات كيميائية؟ على سبيل المثال ، لماذا يرتفع معدل ضربات القلب ، أو نشعر بالتعرق في راحة أيدينا؟
لماذا يكون هناك تفاعل بين أجسامنا والأفكار التي توّلدها أدمغتنا؟
إن عملية التفكير بحد ذاتها تبدو غير مرتبطة بالأحاسيس الجسدية ، ولكن تأثيرها كبير جدًا على ما يشعر به الجسم.
لماذا ا؟
الإجابة هي…
في أن أجسامنا تعتمد بشكل كبير على الحواس الخارجية ( ما تخبرنا به أعيننا ، وآذاننا ، وجلودنا) لفهم ومعرفة المحيط الخارجي.
بينما أدمغتنا ترى و تسمع و تشعر ليس فقط من خلال الإدراك الحسي ، ولكن أيضًا من خلال عملية التفكير.
قم بهذه التجربة!
أغلق عينيك الآن وتخيل أنك تقف على قمة جبل إيفرست.
على الرغم من أنك لست هناك بالفعل ولا ترى بعينك الجسدية شيئًا ، ولكن عين عقلك يمكنها رؤية الجبال والسحب والسماء المفتوحة والوديان العميقة المغطاة بالثلوج.
لو أنك نظرت الى أسفل الجبل فلربما أحسست بالتعرق في راحة يديك!
إن أجسامنا لا تتأثر فقط بعقولنا بل إنها تقوم بإطاعته طاعة عمياء!
لقد نجونا من أزمنة الجفاف القاسية ، والحيوانات المفترسة ، والكوارث الأخرى على مر العصور من خلال شيء واحد فقط.
وهو إطاعة ما تلقننا به عقولنا بثقة تامة!
إن هذه الإتجاه سمح للبشر بأن يصبحو أكثر الأنواع سيادة على كوكب الأرض.
نحن نسعى بوعي وكذلك من دون وعي إلى البحث عن الفرص وتحييد التهديدات في بيئتنا.
باختصار ، نحن مبرمجون للتصرف كما لو أن كل ما نراه أو نسمعه أو نشعر به ، سواء كان خياليًا أو حقيقيًا ، يحدث بالفعل وأنه يجب علينا التصرف بناءً عليه ، وإلا فإننا نخاطر بالموت.
إذا كان الأمر كذلك ، فينبغي أن يكون السؤال كالتالي:
كيف يمكننا عدم التصرف بناء على الرغبة؟ كيف يمكننا التغلب على أي رغبة إذا كان عقلك مبنيًا عليها ، أو مصممًا للعمل عليها دون سؤال؟
.
.
بإذن الله سنتحدث عن الخطوات العملية لمواجهة الرغبة في المقال القادم.
رأي واحد حول “الرغبة بين العقل والجسد”