منذ أن فتحت جهاز الكمبيوتر لكتابة هذا المقال،
قُمت بتفقد إشعارات الإنستقرام والسناب شات الخاص بي مرتين،
وقمت أيضًا بتحديث صفحة البريد الألكتروني للتحقق من وجود أي رسائل جديدة.
أنا في الغالب أتفقد إشعارات الواتس اب كأول شي حتى قبل أن أتناول الإفطار.
في الحقيقة أنا أقوم بتفقد كل حسابات التواصل الإجتماعي بدون أن تكون لدي نيّة فعلية
أو رغبة في الرد بسرعة على كل الرسائل.
أبرر ذلك بحقيقة أن علاقاتي الإجتماعية منتشرة عبر مناطق زمنية متعددة.
ولكن الحقيقة هي أنني أخشى أن يفوتني شي!
من الصعب وصف الشعور ولكنني لا أريد أن لا أكون على نفس الصفحة مع أغلبية الناس.
لقد أُعطي هذا القلق مسمى ال FOMO أو ال “Fear Of Missing Out”/ “القلق من أن يفوتك شيء”
ما هو ال “فومو”؟
في عام٢٠١٣، تمت إضافة كلمة “FOMO” إلى قاموس أكسفورد الإنجليزي.
وقد عُرّف على انه: “الشعور بالقلق من وقوع حدث ممتع أو مثير للاهتمام في مكان آخر.”
أما إحدى الدراسات فقد أخذت هذا المصطلح الى منحى أبعد قليلًا، ووصفته بأنه نوع من أنواع القلق الاجتماعي، والذي يتميز بالحاجة المستمرة إلى الارتباط بأنشطة الأصدقاء أو الأشخاص الآخرين.
هذه الظاهرة أكثر شيوعًا مما قد تعتقد!
إن أحدى الدراسات أظهرت بأن 51٪ من المراهقين يعانون بالفعل من القلق عندما لا يكونوا على معرفة بمكان أصدقائهم أو ما يفعله أصدقائهم.
وعلى رغم من حداثة هذا المصطلح تزامنًا مع ثورة التواصل الاجتماعي، إلّا أن الدوافع النفسية للشعور بهذا القلق قديمة جداً.
لمحة بسيطة في تاريخ ال”فومو”؟
تخبرنا عالمة النفس العيادي أنيتا سانز:
“إن الخوف من فقدان شيء هو إحساس قديم جدًا أثارته الرغبة في الحفاظ على النوع البشري.
كأفراد تنتمي لمجموعة كان ولابد أن نكون على إطلاع للأخطار التي تحدق بنا لأنها تشكل مسألة حياة أو موت.
وعندما بدأ الإنسان في إنشاء مجتمعات أكثر إستقرار لم يمت هذا الشعور بل إستمر في أخذ مناحي مختلفة وأكثر تعقيدًا. ومن هذا المبدأ نشأت عادة الثرثرة ونقل الأحاديث.”
أما في عالمنا اليوم فلم يعد الأمر متعلق بالحياة أو الموت لكي تثار لدينا هذه الأحاسيس المزعجة.
فأنت تستطيع معرفة ما يدور في العالم كله من خلال تواجدك على منصات التواصل الإجتماعي.
وليس من الخطأ أن تكون متصل مع العالم ولكن بالنسبة للكثيرين أصبحت وسائل التواصل هي شريان الحياة والأكسجين!
ماهي أعراض ال”فومو”؟
- تجهد نفسك لدرجة أنك لا تستطيع أن تكون حاضرًا بشكل نفسي/عقلي في أي مكان أنت فيه لأنك مستعد دائمًا للانطلاق إلى الشيء التالي.
- عدم الالتزام بأي شيء خوفًا من فقدان شيء آخر! في كثير من الأحيان، لا يقول الأشخاص الذين يعانون من FOMO “نعم!” لأي دعوة أو قد يقوموا بالرد في اللحظات الأخيرة وذلك للتأكد من عدم فوات شيء قد يكون ذا أهمية أكثر.
- الشعور بالسوء لعدم حضور لقاء اجتماعي، مما يؤدي إلى توليد مشاعر سلبية كخيبة الأمل، والندامة، أو حتى التأنيب الشديد للذات.
- يواجه الأشخاص المصابون بـ FOMO صعوبة في التركيز على السعادة. بدلاً من ذلك يركزون على أن يكونوا أسعد من … وهنا يكون الانخراط في المقارنات الغير منطقية!
- إن تفقد الهاتف كل ثلاث دقائق للتأكد من عدم تفويت شيء لعملية مرهقه جدًا. وقد يؤدي الإستمرار في في هذا السلوك الى حدوث مشاكل في النوم كالأرق أو التشتت.
ماهي مسببات هذا الشعور؟
من الناحية العصبية
إن اللوزة amygdala الموجودة في الدماغ هي المسؤولة عن تنبيهك عن أي تهديد يحيط بك.
إن الإنطباع بأنك لست ضمن ” المجموعة” أو عدم إمتلاكك إي أخبار حيّة كفيلة لإثارة اللوزة والتي تقوم بتنشيط إستجابة “الهروب أو المقاومة”، و من ثم توليد ضغط نفسي.
إن الشعور بالضغط النفسي ليس شعورًا مريحًا.
ولذلك تجد نفسك مندفعا لتحديث الصفحات كمحاولات لتثبيط هذا الشعور.
ربما يختفي هذا الشعور عندما “تتصل” بالعالم…
ولكن هل هو حقًا “تواصل”؟ أم أنك تكون قد أدخلت نفسك في دوامة مغلقة لا تشعر فيها بالراحة!
إن المسأله هنا قد تتداخل مع مفهوم الإدمان أيضًا.
من الناحية النفسية
إن الأفراد الذين لديهم تاريخ مرضي مع القلق أو الاكتئاب أو الوسواس القهري هم أكثر عرضة للمعاناة من قلق ال FOMO، وبالخصوص الفترة العمريه من المراهقة الى بداية الرشد.
وأنا أعتقد بأن عامل إنخفاض إحترام الذات له تأثير كبير في قابلية الإصابة بهذا النوع من القلق.
إن الشخص الذي لايتعرف على قيمته الخاصة، سيشعر بالحاجة الملحّه للإرتباط الجغرافي بالآخرين في أغلب الأوقات. لأن الإرتباط المعنوي هنا ليس كافيًا لأثبات الوجود!
أما أولئك الذين يتمتعون بمستوى معتدل من إحترام الذات فقد لايعنيهم غيابهم البدني بقدر إهتمامهم بتحقيق إتصال ذا معنى مع الآخرين.
عندما لا نكون حاضرين بشكل حسي في مكان ما هذا لا يعني بأننا غير ملاحظين أو بلا قيمة، نحن ببساطة موجودون في مكان آخر!
-
هل تواجه صعوبة في الجلوس بدون تفحص هاتفك حتى وإن كنت تقوم بمتابعة فيلم شيق؟
-
هل تشكو عائلتك من كثرة استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك؟
-
هل تشعر بالانزعاج إذا لم تستطع فهم “بعض النكات” من أصدقائك والتي قد ترتبط بأحداث جديدة في وسائل التواصل الإجتماعي؟
-
هل تشعر بالقلق عندما ترى منشورات لأصدقائك وأنت لست بينهم؟
-
هل تقوم بتفقد هاتفك وأنت وسط إجتماع عمل أو وسط لقاء إجتماعي؟
-
هل تتفقد حسابات التواصل الإجتماعي أثناء القيادة؟