عزيزي المعالج: أعترف أنّي بحاجة إلى الحديث مع شخص. ماذا أفعل الآن؟

قبل الحديث في كيف وماذا، دعني أهنئك أولاً على الخطوة العملية التي اتخذتها في البحث عن العلاج النفسي. 

على الرغم من أن طلب المساعدة في أوقات الضيق والألم هو أمر بسيط وطبيعي الاّ إنه عندما يتعلق الأمر بالصحة النفسية/العقلية فإن سلوك طلب المساعدة يبدو أكثر تعقيدًا. 

ولا تظن عزيزي القارئ بأن الشعور بالعار والخجل من الإعتراف بوجود مشكلة نفسية لدى الشخص هو فقط أمر متعلق بـ عوالمنا العربية.

سوف تتفاجأ بأن هذا الشعور موجود لدى الكثيرين في البلدان المتقدمة، ولكن قد يكون بنسب أقل بعض الشيء. 

يخشى الناس كثيرًا من تصنيفهم على أنهم “مجانين” عند لجوئهم للطب النفسي. أتذكر عندما كنت أعمل في عيادة نفسية في احدى عواصم الدول العربية، الكثيرون من المراجعين كانو يأتون بشكل سري للعلاج، حتى أن أقرب الناس لهم في الغالب لايكونوا على دراية بالأمر؛ يخشون أن يؤثر ذلك على معيشتهم أو سمعتهم أو حتى نظرتهم لأنفسهم من بعد معرفة الآخرين عنهم.

يقول أحد علماء النفس” يعتقد الكثير من الناس بأنه بمجرد إعترافهم بأن هناك شيء ما أو خطأ في صحتهم العقلية فهذا يعني عدم أهلّيتهم أو كفايتهم أو حتى قد يكون هذا إعترافًا بفشلهم.”

 وبالنتيجة، حوالي ٦٠٪ من المصابين بالأمراض النفسية لا يتلقون العلاج المناسب الا بعد أن قطعوا شوطًا طويلاً في الإضطراب.

متى تطلب المساعدة؟

هناك العديد من الأسباب التي تدفع الناس للجوء لمقدمي الرعاية النفسية. لست بحاجة لإنتظار حصول أزمة كبير لتلقي الدعم المناسب. ولا داعي لأن تكون على حافة “الجنون” للذهاب إلى العلاج النفسي.

قد يكون سبب رغبتك في رؤية مختص الآن هو شعور مزعج أحسست به مؤخرًا ولكنك لا تعلم ماهيته ، أو الرغبة في إتخاذ قرار كبير في حياتك، أو الدخول في علاقة جديدة، أو الشعور بعدم الرضا عن وظيفتك، أو حتى الرغبة في تطوير الذات…. القائمة لا تنتهي هنا.

ولكن في الوقت نفسه، هناك علامات خطيرة وجليّة تستدعي التدخل الفوري كالشعور بالرغبة في إيذاء نفسك أو من حولك. أيضًا، اذا كان لديك بعض الأعراض الخطيرة كالهلوسة أو الشعور بالانفصال فلا تتردد في طلب المساعدة.

كيف تطلب المساعدة؟ 

هناك العديد من المصادر التي يمكن اللجوء إليها في عملية البحث عن معالج نفسي جيد.  الانترنت قد تكون وسيلة سهلة وذكية ولكن للأسف ليست مفعّلة بشكل جيد في أغلب بلداننا العربية. ومع ذلك لا ضير في أن تقوم بالبحث عن ضالتك من خلالها؛ ربما تخرج بنتائج جيدة. يمكنك أيضًا سؤال طبيب الأسره الخاص بك أو أي طبيب آخر تثق به. 

بالإضافة، إنتشر مؤخرا فكرة العلاج النفسي عبر الإنترنت. للأسف ليس لدي معلومات موثوقة عن هذه الحركة في بلداننا العربية ولكنها موجودة بكثرة في البلدان المتقدمة، وتوجد العديد من الأبحاث التي تدعم فاعلية هذه الطريقة بالمقارنة مع العلاج النفسي التقليدي. إذا كانت لغتك الإنجليزية جيدة فربما تود تجربة هذه الطريقة يومًا ما. 

كيف تبدأ العلاج النفسي؟ 

إذا حزمت أمرك على تحديد موعد للجلسة الأولى لا تتفاجأ بمقدار القلق والخوف الذي سيتصاعد لديك. دعني أخبرك بأن هذه المشاعر -مشاعر التناقض والخوف من الحديث- هو أمر شائع و طبيعي لدى أغلب العملاء. 

يمكنك إخبار المعالج بهذه المشاعر! معالجك النفسي سيكون ممتن لمشاركتك هذه المشاعر. 

يمكنك أيضًا رسم خطة مع معالجك للمواضيع التي تشعر بالراحة في الحديث عنها ، والمواضيع التي تقلقك وتود تجنبها.

على الرغم من أن واحدة من مهام المعالج النفسي هي دفعك إلى ما وراء دائرة الأمان الخاصة بك، فإنه أيضا معتاد على ضبط سرعة العلاج التي تناسب احتياجاتك. تم تدريب معالجك بشكل إحترافي لدعمك عاطفيًا وتشجيعك نحو المجالات التي ترغب في تغييرها. يسمح العلاج بموازنة عناصر القبول والتغيير حتى تتمكن من عيش الحياة بسهولة. ولا تنسى أن البدء بالأشياء الصغيرة بإمكانها أن تعزز الثقة و تقلل التوتر لديك في رحلة العلاج النفسي

ملاحظة:  بمجرد إتخاذ القرار ببدء العلاج ، من المهم أن تعرف أنه قد يستغرق الأمر بضع محاولات للعثور على معالج تشعر بالراحة معه. لا تتجاهل هذا الشعور لان العثور على شخص تشعر بالراحة معه أمر حيوي لنجاح علاجك. و أيضًا لا تشعر بالخجل من مصارحة معالجك بمشاعرك.

 

على الرغم من أن الحياة ليست عبارة عن لحظات سعيدة فقط، الاّ أننا نستحق أن نشعر بوجود مكان آمن نلجأ إليه عندما تسوء الأيام. لاتخف من طلب المساعدة! إنه من أشجع القرارات التي تتخذها لنفسك…. لا أستطيع ان أعدك بسهولة المهمة و لكن أستطيع أن أخبرك بأنها تستحق المحاول

Facebook Instagram

اترك رد