في عالمنا اليوم، أصبح من المستحيل حماية أطفالنا من التعرف على الأحداث المروّعة من حولهم كالتفجيرات الإرهابية وعمليات الاختطاف و الأوبئة وغيرها.
إن التغطية الأخبارية المنتشرة والمتكررة لهذه الأحداث وخاصة على الأجهزة الذكية والهواتف المحمولة الخاصة بنا، أو على وسائل التواصل الإجتماعي، أو حتى الإعلانات التي تظهر في برامجنا المفضلة تجعل من المستحيل تجنبها تمامًا.
كقاعدة عامة، لا يجب عليهم مشاهدة هذه الأحداث!
ومع ذلك، أنا وأنت نعلم بأنهم سوف يعلمون بهذه الأحداث على الأقل من جماعة الرفاق وغيرهم من البالغين.
كيف يمكننا أن نتحدث مع أطفالنا حول هذه الأحداث؟
كيف يمكننا مساعدتهم خلال هذه الأوقات التي تكون الأخبار فيها مليئة بالأحداث المخيفة؟
عزيزي المربي عليك أن تتذكر أولاً بأنك أهم الناس في حياة الطفل.
وإحدى مهامك في هذه الحياة هو مساعدة طفلك على فهم العالم بشكل أفضل، ومحاولة
إشعاره بالأمان على قدر الإمكان.
عندما يحدث أمر مخيف، لابد أن تتعامل مع مخاوفك وقلقك أولاً!
إن للطفل القدرة على إستشفاف القلق والتوتر الذي يبدو ظاهرًا عليك.
وعندما يرى بأنك قادر على التغلب على توترك بنجاح سوف يشعر هو بالاطمئنان بشكل أوتوماتيكي.
هل تتذكر عندما يقوم مساعد الطيّار بشرح قوانين السلامة في حال حدوث أمر طارئ في الرحلة الجوية؟
القاعدة الأولى هي أن تقوم بوضع قناع الأوكسجين لنفسك أولاً ثم لأطفالك. لابد أن تساعد نفسك أولاً حتى تتمكن من تقديم المساعدة لهم.
في إحدى الدراسات الحديثة التي قرأتها مؤخرًا تشير الى أنه من المفيد للغاية أن يكون الوالدين قادرين على التعرف على مشاعرهم الخاصة و الإعتراف بها، بما في ذلك المشاعر السلبية كالقلق والحزن أو الغضب.
فهم عندما يتمكنوا من تقبل هذه المشاعر والتعامل معها بشكل صحيح يمكنهم أن يقدمو نموذجًا داعمًا لأطفالهم المصابين بمثل هذه المشاعر.
وهذه النتائج قد تفسر الرابط بين ازدياد نسبة القلق لدى الأطفال الذين ينتمون لأبوين لديهم حماية مفرطة، أو الأبوين الذين يمنعون الأطفال من التعبير عن مشاعرهم السلبية كالبكاء والحزن!
الحدث المزعج قد وقع على مقربة من طفلي، وقد لاحظت ظهور علامات ضيق عليه مؤخرًا ( قلق، تشنج، إنسحاب.. الخ) ماذا أفعل الآن؟
إن مشاهدة الأحداث الصادمة، يمكن أن يزعزع إحساس الطفل بالأمن و وجهة نظره حول العالم ككل. ومع ذلك ، الآباء والأمهات قادرين على إعادة الشعور بالأمان في نفوس أبنائهم بخطوات عملية.
وكيف يكون ذلك؟
-
الخطوة 1: قم بإعداد المسرح وناقش الحدث كعائلة
إبدأ بالتحضير لإعطاء طفلك الاهتمام الكامل.
أبعد أي شيء بإمكانه تشتيت إنتباهك او إنتباه طفلك (مثل الهواتف المحمولة أو التليفيزيون).
إبحث عن مساحة يمكن أن تكون فيها المحادثة هي المحور الرئيسي.
قد يكون تصرف حكيم إذا قمت بإشراك جميع أفراد الأسرة والسماح لكل شخص بالمشاركة.
هذا يساعد الأفراد على التغلب على العزلة ويفتح قنوات الإتصال لجميع أفراد الأسرة.
-
الخطوة 2: إبدأ المحادثة وأكتسب نظرة ثاقبة لفهم طفلك للحدث
بغض النظر عن عمر طفلك، ابدأ دائمًا في المناقشة بسؤال طفلك عما يعرفه بالفعل.
لمجرد أن طفلك لا يتحدث عن الأحداث المحيطة، لا يعني أنه لا يفكر فيها!
حاول حث طفلك بالسؤال ، “إذًا كيف تشعر حيال ما حدث في المدرسة / على الطريق / في العالم / وما إلى ذلك؟”
لكن لا تجبر طفلك على مناقشة الحدث!
في بعض الأحيان ، قد يبدو طفلك غير مهتم في مناقشة حدث مزعج.
هذا مقبول – بمجرد إستماعه لك في المساحة التي أوجدتها سيجد الأمان.
-
الخطوة 3: قم بشرح الحدث لطفلك بطريقة مناسبة لعمره ولا داعي لذكر التفاصيل
عند إستشفافك بمدى معرفة طفلك للحدث، قم بشرحه بإسلوب مبسط ومباشر قدر الإمكان يصل لمستوى فهم الطفل، مع تجنب ذكر التفاصيل المخيفة.
ولكن إذا أحسست بأهمية ذكر بعض النقاط المهمة عن الحدث (حتى وإن كانت مخيفة بعض الشيء)، قم بذكرها! أنت لاتريد أن تبدو أمام أطفالك كشخص يسيء تمثيل الأحداث.
الأطفال فضوليين وغالبًا ما يكملون فهمهم للأحداث بخيالهم أو تجاربهم الحية.
من الأهمية بمكان أن ترشدهم إلى تصوّر دقيق للحدث بلغة مناسبة للطفل.
بعد حدوث صدمة، من الشائع أن يلقي الأطفال اللوم على أنفسهم أو ينظروا إلى العالم على أنه مكان غير آمن.
هنا يأتي دور الوالدين في معالجة هذا الشعور الشخصي بالمسؤولية (أي “لم يكن هذا خطأك أو خطأنا”).
-
الخطوة 4: تشجيع الأسئلة والمناقشة، مع الاستمرار في منح شعور الحب والسلام
شجّع طفلك على طرح الأسئلة وقدم إجابات مباشرة قدر الإمكان.
إجعل قناة الإتصال بينك وبينه مفتوحة وتابع مناقشة الحدث عندما يطلب منك طفلك ذلك؛ لإكمال تصوّر طفلك للحدث.
أيضًا، ساعده على التعبير عن قلقه وتخيلاته دون السخرية أو الإنكار.
” انظرو انه يبكي مثل الأطفال“. هو أمر شائع في مجتمعنا للأسف!
دعه يعبّر عما بداخله، تذكر هو لايزال طفلا حتى وإن بلغ العاشرة.
أن الطفل الذي قد يبكي كثيرا او ربما يبلل نفسه، او مايسمى بمرحلة “الانحدار” قد يحتاج إلى مزيد من الطمأنينة مما كان متوقعًا.
لكن إذا إستمرت أعراض الانحدار، فاستشر أخصائيًا.
تذكر أن زيادة وجودك مع طفلك جسديًا وعاطفيًا له من الفائده الكبيرة خلال أوقات الأزمات.
- نصيحة ١: إستخدم التكنولوجيا للمساعدة في نقل الصورة مع ملاحظة ردّات فعل طفلك للحدث! إذا كنت ترى بأن استخدام التغطية الإعلامية سيكون مفيدا وملهمًا للمناقشة، فقم بذلك! ولكن قم بمعاينة المحتوى قبل تقديمه للطفل وتأكد من خلوّه من مشاهد قد تؤثر سلبا على نفسيته.
- نصيحة ٢: كن حذرا من ردود فعلك أمام طفلك. ينظر طفلك إليك في أوقات الأزمات للتعرف على كيفية الاستجابة. إذا كنت تشعر بالأسى بسبب هذا الحدث ، فمن المهم بالنسبة لك أن تطلب الدعم لنفسك. وليس من الخطأ ان تشارك مشاعرك مع طفلك. قد تكون هذه فرصة لطفلك لمعرفة المزيد عن التجارب العاطفية للآخرين. ولكن،
- نصيحة ٣: حاول ألا تكون مفرطًا في حماية أطفالك. أنه من الطبيعي أن تشعر برغبة في غلق باب البيت عليك وعلى أطفالك بعد تعرضكم لحادث مزعج بداعي الطمأنينة. لكن الحماية المفرطة يمكن أن تجعل الأطفال ينظرون إلى العالم على أنه غير آمن ومخيف. تذكر أن تكون صبورًا و هادئًا.
لسوء الحظ ، الأحداث المؤلمة موجودة في كثير من الأحيان، ويمكن أن يتعرض لها الأطفال من جميع الأعمار.
دورنا كمربين يكمن في تقديم الفهم المناسب للأطفال مع تعزيز الشعور بالسلامة والآمان في نفوسهم.
وفقكم الله والى الامام نفتخر بكم
الموفقية للجميع إنشالله.
شكرًا على مروركم الكريم.
مقال ممتاز ورائع ، وفقك الله
أسعدني مرورك.
بالتوفيق لكم ،
دعاءنا القلبي لكم بمزيد من الازدهار والتقدم
شكرًا لكم. أسعدني مروركم.