ماذا يعني أن تكبر مع أُم غير “متاحة” عاطفيًا

  • هل كانت أمك تعتقد بأن الأسلوب الأمثل لمنع تدليلك هو أن تجعلك “تبكي” إلى أن تهدأ من تلقاء نفسك؟ 

  • هل شعرت بأنك طفل غير مُلاحظ، وبأن والدتك لم تعرف حقيقة من تكون؟

  • هل كانت أمك تتجاهل، أو ترفض، أو تشعر بالضيق أو عدم الإكتراث عندما تقوم بالتعبير عما تشعر به في طفولتك أو أيام المراهقة؟

  • كشخص بلغ، هل تشعر بأن ثقتك بنفسك منخفضة بعض الشيء، وفي كثير من الأحيان تشعر بصعوبة في الثقة بالآخرين؟

  • هل تشعر بالوحدة كثيرًا؟ 

إذا قمت بالإجابة “بنعم” على هذه الأسئلة فربما تكون قد تربيت في أحضان أم/أب لديهم صعوبة في التواصل العاطفي مع أبنائهم أو الآخرين! 

قد تكون جميع إحتياجاتك الخارجية قُدمت لك بعناية فائقة – في أغلب الأوقات- …. العيش في منزل آمن ومرتب دائمًا، مع توفر جميع سبل الراحة والترفية ….ولكن أنت تعلم بأن ذلك لم يكن كافيا! 

أنا لا أتحدث هنا عن كون أبويك ذا طبيعة قاسية بعض الشيء، ولكن ما أعنيه هو غيابهم العاطفي أو حتى الفعلي (لديهما ساعات عمل طويلة مثلا!).

هناك العديد من الأنماط والسلوكيات التي قد تمارسها الأمهات الغائبات عاطفيًا، ولكن السمة الشائعة بينهن هي:

هو عدم قدرتهن على الإحساس بالتجربة العاطفية التي يمر بها الأبناء. 

ملاحظة: عندما أتحدث عن دور ” الأم” هذا لا يعنى حصر المسؤولية عليها فقط، وإنما من باب الصورة النمطية في كون الأم غالبًا هي العنصر المباشر في التربية.  

وهنا قد يكون الأمر مربكًا بعض الشيء؛ لأنه على مايبدو -و في الظاهر- هذا النوع من الأمهات لديهن إهتمام بالغ بأبنائهن، وربما يستثمرون الكثير من الوقت في تعليمهم والإهتمام بهم.

ولكن، عندما تعطي هؤلاء الأبناء إستبيانًا لتقييم الحالة النفسية المتعلقة بالأسرة، يظهر بأنهم يشعرون بعدم الحب، وعدم التقدير، و الغربة النفسية!

إقرأ هذه القصاصات الصغيرة من أشخاص عانوا من الغياب العاطفي في الطفولة… ربما تجد بعضها قريبًا لخواطرك!

  • “أعتقد بأني أتوق حرفيًا للاهتمام والحب كطفل، كلما أحسست بأن أمي تبتعد قليلًا قمت بإثارة القلق والمشاكل لأنني أعلم بأنها سوف تهتم بي… حتى لو كان هذا يعني العقاب! قد يبدو هذا غريبًا، ولكن عندما أستفزها كانت دائمًا موجودة في تلك اللحظات.”

  • “صدق أو لا تصدق إن أسعد لحظات طفولتي هي عندما أكون مريضة. أعتقد أن أمي كانت تستمتع بلعب دور الممرضة فهذا يشعرها بقيمتها بطريقة ما. ولكن عندما لا أكون مريضة تتجاهلني وتقوم بالإنشغال بقائمة المهام اليومية التي دائمًا ماكانت تشكو منها.” 

الآن دعنا أيّها العزيز نقوم بالنظر بشكل عميق في بعض تفاصيل الطفولة لدى هذا النوع من العائلات.

السنوات المبكرة وتلبية الاحتياجات النفسية

 قبل خمسين عامًا تقريبا أو أكثر كانت نظريات التربية متأثره بشكل كبير بالعالم النفسي جون واطسون والذي كان ينصح الوالدين بالإمتناع عن إظهار المودة للأبناء بحجة أن ذلك سينتج عنه أطفال مدللين وإعتماديين بشكل مفرط.

 عنوان الفصل “The Dangers of Too Much Mother Love” من كتابه  The Psychological Care of Infant and Child ١٩٢٨

إعتقد واطسون بأن احتضان الطفل وحمله كثيرًا يعزز السلوكيات السلبية لدى الصغار… كالتقاط الطفل الباكي لا يتنج عنه سواء بكاء متزايد …أو معانقة الطفل الخائف سيولّد سلوك الخجل لديه. 

وللأسف، هذه الطرق في التربية لاقت صدى وتقبل واسع بين أوساط المتعلمين وغير المتعلمين الى يومنا الآن!

أعرف شخصيّا  الكثير من الأمهات الجدد الذين يتبنون فكرة ترك الطفل “الرضيع” يبكي في غرفة بمفرده من أجل أن يتعلم عادات نوم جيدة.

أو لابد أن يهدأ الطفل الرضيع من تلقاء نفسه أولاً كي يحصل على الحليب والغذاء.

إن الإكتشافات الحديثة في علم الأعصاب قدمت نتائج حاسمة حول قضية الاستجابة لصرخات الأطفال.

  • إن الأطفال الذين يبكون لفترات طويلة من غير تهدئه لديهم مستويات عالية وغير طبيعية من هرمون الإجهاد (الكورتيزول).
  • وهذا الضغط الذي يتعرض له الاطفال في الأشهر الاولى يغير من بنية أدمغتهم.
  • وباختصار هذه الطرق تنتج لنا أشخاص أقل ذكاء وأقل صحة، وأكثر قلق وإنطوائية على المدى الطويل.  

كتب إريك إريكسون– عالم نفس ومحلل تربوي معروف- عن أهمية السنة الأولى من حياة الطفل. ملخص بعض أفكاره هو:

أن أهمية تلبية إحتياجات الطفل في سنواته الأولى من غير شرط سوف تولد لديهم شعور بالثقة بمن حولهم والعالم أيضًا.

وما دام أن الطفل لديه حجر أساس من الثقة؛ لن يتردد في إكتشاف العالم من حوله بأريحية.

أما عندما يشعر بأن أقرب الناس له لا يوفر له له الإحتياج إلاّ من خلال شرط (أو تقديم شي بالمقابل)، ففي الغالب سينمو الطفل بإحساس عدم الثقة ونقص قيمة الذات له.

قبل أن تفكر في تعليم طفلك عادات نوم او سلوكيات إجتماعية صحيحه لابد أن تفكر في تعليمة الحب والإمتنان أولاً! 

جميعنا نشعر بالأسى على الأيتام في دور الرعاية. نحن نتصور بأنهم في الغالب يعانون من أذىً عاطفي بسبب تخلي والديهم عنهم في سن صغير. ولكن، ماذا عن الذين لم يتربوا في دور الأيتام ومع ذلك عاشوا مع والدين فضلّو سماع بكائهم على أن يلبوا احتياجاتهم النفسية بذريعة عدم التدليل. 

  •  كبالغين ،كيف نجتاز عواقب عدم وجود ” أبوين جيدين” بما فيه الكفاية؟

  • كيف نقنع ذواتنا بقيمتها عندما لم يكن يكترث أقرب الناس إلينا؟

  •  كيف نلبي الرغبة الشديدة للعناق؟ 

  • والأهم من ذلك كله كيف نشعر أنفسنا بالقبول التام؟

  • ماذا يعني أن ننطلق في الحياة من دون وجود بنية داخلية أساسها الثقة، قاعدة تكون الملجأ الآمن والسند الرئيسي؟

 
أذا أعجبك المقال وأردت معرفة المزيد حول هذا الموضوع أكتب لنا في التعليقات ….
أن معالجة الإهمال العاطفي في مراحل الطفولة المبكرة مفتاح لفهم العديد من الأحاسيس المزعجة في الكبر.

 .

اترك رد